Thursday, March 25, 2010

كلينتون بمناسبة اليوم العالمي للمياه

كلينتون: شكرا لكم، شكرا جزيلا لكم. إن من دواعي اغتباطي الشديد دائما أن أكون هنا في الجمعية الجغرافية القومية التي لا تشكل أحد كنوز واشنطن وحسب، بل ولبلادنا كلها. وأشكر غيل غروسفينور وكل المنتمين إلى الجمعية. وأقدّر لماريا أوتيرو تقديمها لي. وأشكر المدافعين المناصرين للمياه المجتمعين هنا اليوم على عملهم.

وأريد أن أنوّه بالمتحدثين المشاركين بمن فيهم النائب. فأنتم تعرفون أن إيرل مناصر لقضايا نوعية الحياة، وأعتقد أنه عندما بدأ عضويته في الكونغرس كان صوتا ضعيفا وحيدا. لكن الناس رأوا تدريجيا العلاقة بين كثير من القضايا اليومية الكبيرة التي تحتل العناوين وهموم الحياة اليومية التي يعيشها الناس وكيف يتفاعلون وكيف يتنقلون. وأريد أن أقول لإيرل إنني دشنت لتوي حمامات الدوش لراكبي الدراجات (الذين يستخدمون الدراجات الهوائية كوسيلة للمواصلات) في وزارة الخارجية - (تصفيق) – وفكرت بك لأن مستخدمي الدراجات أوحوا لي ببادرة من بوادرك بالنسبة للدراجات. وها نحن نحقق تقدما ببطء ولكن بثبات.

أعرف أنكم استمعتمم إلى صديقتي الرئيسة إلين جونسون سيرليف، التي تقوم بمهمة سفيرة للنوايا الحسنة للمياه في أفريقيا والتي تحدثت إليكم عن طريق الفيديو. وأود التأكيد على أنني أنوه أيضا بأعضاء السلك الدبلوماسي الموجودين هنا اليوم وبرئيس مؤسسة تحدي الألفية دانيل يوهانّس، شكرا يا دانيل. ربما لم يقابلك الناس بعد، ولكنني أريد أن يفعل ذلك كل واحد منهم اليوم. (تصفيق).

وأنا مغتبطة لقدومي إلى هنا اليوم بشكل خاص لأنني لا استطيع التفكير بطريقة أفضل لإحياء اليوم العالمي للمياه ولا أستطيع التفكير بشخص كعريف للتقديم أفضل من هاتي بابيت. وهاتي صديقة لي منذ وقت طويل وهي معنية بالكثير جدا من القضايا الهامة ويسرني جدا أن أراها هنا اليوم.

غني عن القول إن المياه تستحق ولا شك الاهتمام الذي تلقاه اليوم. لأنها، وبطرق متعددة، تحدد كوكبنا الأزرق. فالماء عنصر حاسم في كل مسعى تقريبا من المساعي الإنسانية من زراعة وصناعة وطاقة. فهو كالهواء الذي نستنشقه حيوي بالنسبة لصحة الأفراد والمجتمعات. والماء يشكل، حرفيا ومجازيا، ينبوع الحياة على الأرض.

وطبيعي الآن أن يجلب الماء الخراب أيضا. فالفيضانات والجفاف تصيب الناس الآن بالكوارث أكثر مما تصيبهم كل الكوارث الطبيعية الأخرى مجتمعة. ويتسبب عدم الوصول الكافي إلى مصادر المياه والوسائل الصحية والنظافة في وفاة أكثر من 1.5 مليون طفل سنويا. وتبرز مشاكل المياه أكثر ما تبرز في الدول النامية، لكنها تؤثر على كل بلد على وجه الأرض. وهي تتجاوز الحدود السياسية. وقد تصبح المياه مع شحها المتزايد حافزا سياسيا للصراع بين البلدان وفي داخلها.

وإذ أتحدث إليكم اليوم، هناك أسرة شابة في نورث داكوتا مجتمعة تصلي معا داعية أن لا يفيض رد ريفر (النهر الأحمر) عن ضفتيه من جديد ويدمر بيتها. وهناك مزارع في جنوب الصين يدرك أنه لن يكون قادرا في أسوأ جفاف منذ 60 سنة على زراعة محاصيله في هذا الربيع، وأم قاطنة في إثيوبيا تحمل دلوا ملؤه الماء لعائلتها وهي ترجو أن لا تتعرض لهجوم على الطريق. إن مشاكل المياه هاجس ملح في كل يوم من أيام كل سنة للأفراد والمجتمعات والبلدان حول العالم.

وبما لمشاكل المياه اليوم من إلحاح، فإنها ستصبح أكثر أهمية في المستقبل القريب. ويتكهن الخبراء – وكثيرون منكم في هذا الجمهور خبراء – بأنه بحلول العام 2025، أي بعد 15 سنة فقط، سيكون نحو ثلثي بلدان العالم يعاني إجهادا مائيا. وسيكون كثير من مصادر المياه العذبة معرضا للإجهاد بسبب تغير المناخ والنمو السكاني. وسيواجه 2.4 بليون نسمة شحا مطلقا وندرة في المياه – وهي نقطة يهدد عندها الافتقار إلى الماء التنمية الاجتماعية والاقتصادية.

غير أن مشاكل المياه ليست سببا من أسباب التأزم التي لا يمكن تفاديها. فبتحديد السياسات السليمة والأولويات، وبالإرادة، استطاع كثير من البلدان ذي المناخات الجافة إدارة مصادر المياه بشكل فعال. واستطاعت هذه الدول من خلال العمليات أن تحقق لشعوبها نتائج ملموسة وتشجع على التنمية الاقتصادية المستدامة وتعزيز الاستقرار في مناطقها.

يعتبر الوصول إلى مصادر المياه النظيفة والحصول عليها مسألة أمن إنساني. ولذا يدرك الرئيس أوباما وأنا أن قضايا الماء متممة لنجاح الكثير من المبادرات الرئيسية لسياستنا الخارجية.

تستثمر الولايات المتحدة بسخاء في مكافحة الأمراض التي يمكن الوقاية منها وفي تحسين معدل بقاء الأطفال على قيد الحياة من خلال مبادرتنا الصحية العالمية. فزيادة الحصول على ماء الشرب المأمون والوسائل الصحية والنظافة ستساعد في إنقاذ الأرواح التي تفقد الآن بسبب أمراض يمكن تفاديها.

يخصص سبعون بالمئة من مياه العالم لأغراض الزراعة، ولذا تعتمد نتيجة عملنا لتعزيز الأمن الغذائي عالميا في جزء منها على وجود سياسة مائية ناجحة وإدارة سليمة للمياه. فالفيضانات والجفاف يمكن أن تقضي على المحاصيل وتدمر الاقتصادات التي تعتمد على الزراعة.

ونحن نعمل أيضا على تمكين النساء حول العالم من حقوقهن لأن النساء، باعتبار القارة التي نتحدث عنها، يشكلن 60 بالمئة من المزارعين. وعلاوة على ذلك، فإن النساء اللواتي تتيسر لهن الوسائل الصحية والمتحررات من أعباء المشي على الأقدام ساعات طويلة كل يوم بحثا عن الماء وحمله سيجدن من الأسهل عليهن استثمار أوقاتهن وطاقاتهن في شؤون أسرهن ومجتمعاتهن.

ثم إن استقرار الحكومات الفتية في أفغانستان والعراق وفي دول أخرى إنما يعتمد في جزء منه على قدرتها في توفير الوصول والحصول على الماء والوسائل الصحية. ونحن نعلم أن الافتقار إلى الماء ووسائل الحفاظ على الصحة والري يؤدي إلى تراجع اقتصادي وقد يؤدي حتى إلى القلاقل وعدم الاستقرار.

والجدّية في معالجة مشكلة تغير المناخ والتكيف معه جزء من الجدية في معالجة قضية المياه. فمع احترار الجو المحيط بالأرض تتغير أنماط هطول الأمطار جالبة أنماطا جديدة من الجفاف والفيضان. ولذا نحن بحاجة إلى أن نستبق هذ المشكلة.

والتعاطي الناجح مع قضية المياه يمكن أن يؤثر أيضا على نظرة العالم إلينا. فنحن نخصص وقتا طويلا للعمل في معالجة مشاكل كالإرهاب والسيطرة على الأسلحة ومنع الانتشار النووي. واضح أن هذه مواضيع هامة تستحق اهتمامنا. لكنها في الواقع ليست مشاكل يتعاطى معها معظم الناس على أساس يومي. أما المياه فمسألة مختلفة. فعندما ندلل على اهتمامنا بالقضية، نكون قد خاطبنا الأفراد على مستوى مختلف كليا. فكل فرد يعرف بنفسه الشعور بالعطش. وكلنا لنا تجارب شخصية يومية يمكن أن نفكر بعلاقتنا بها حتى وإن اختلفت طبيعة وأحجام تلك التجارب اختلافا كبيرا. وتعتمد قدرتنا على تلبية حاجتنا من الماء على مكان وجودنا وظروفنا. لكن الحصول على مصدر مأمون ومستدام للماء كضرورة بيولوجية أحيائية يشكل أولوية لكل إنسان على هذا الكوكب.

يشكل الماء في الولايات المتحدة إحدى أعظم الفرص الدبلوماسية والتنموية في زماننا. فليس في كل يوم يجد المرء قضية تسمح له فيها الدبلوماسية الفعالة بإنقاذ ملايين الأرواح وإطعام الجياع وتمكين النساء من حقوقهن ودفع عجلة مصالح أمننا الوطني وحماية البيئة والتدليل لملايين الناس على أن الولايات المتحدة تولي اهتماما بهم وبمياههم. فالماء هو القضية.

ندرك الآن أن هذه مشكلة أكبر من أن تواجهها الولايات المتحدة – أو أي دولة أخرى – وحدها. فحتى لو تم توجيه كل مساعدات التنمية العالمية نحو الجهود المائية والصحية، ستكون الموارد المتوفرة غير كافية لتلبية احتياجات البلدان النامية. لذا نحن بحاجة إلى العمل معا لدعم جهود الدول الأخرى والمجتمع الدولي والشركاء في القطاعات غير الربحية والخاصة. واليوم أريد أن أتحدث عن خمس قنوات – قنوات هذه من كاتب خطبي (ضحك) خمس قنوات – بالمناسبة، إنه رائع – خمس قنوات للعمل تشكل أسلوبنا في التعاطي مع قضايا المياه.

أولا، نحن بحاجة إلى بناء الإمكانيات على المستويات المحلية والوطنية والإقليمية. وعلى البلدان والمجتمعات أن تقود وتكون في الصدارة بالنسبة لتأمين مستقبلها المائي الخاص. وفي المناطق التي لنا فيها، على وجه الخصوص، شركاء جادون ملتزمون يجب علينا أن نعمل على زيادة قدرتهم على معالجة مشاكل المياه.

فنحن نبحث عن الوسائل التي تمكننا من العمل مع شركائنا الدوليين لدعم التنمية وتنفيذ المشاريع المائية والصحية. وتعمل مؤسسة التحدي الألفية على دعم البلدان الملتزمة بإجراء الإصلاحات اللازمة وتحسين الحكم الرشيد ومعالجة مشاكل التنمية الصعبة التي تحيط بقضية المياه. وتعمل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية على المستوى الشعبي الأساسي ومع وزراء الحكومات الوطنية لتحسين الحكم الرشيد وبناء الإمكانيات.

نحن بحاجة إلى تعزيز آليات التعاون الإقليمي لإدارة مصادر المياه التي تتخطى الحدود الوطنية (تجري في أكثر من دولة). فنحن الآن ننظر عادة في الخرائط ونرى وحدات سياسية. لكننا كي نواجه التحدي الذي يفرضه الأمن المائي نحتاج إلى البدء في النظر إلى الماء بمفهوم الحدود المائية الطبيعية كمستجمعات الماء وأحواض الأنهر والمياه الجوفية. فهناك في العالم أكثر من 260 حوض نهري تتدفق في أراضي دول عديدة. ولذا ليس بمقدورنا أن نعالج المشاكل المائية لهذه البلدان بمعزل عن بعضها البعض. إذ علينا أن ننظر إلى كل مستجمع مائي أو مياه جوفية إقليمية كفرصة تتيح المجال أمام تعاون دولي أوثق.

ودبلوماسية الماء الإقليمية ستعود بفوائد سياسية واقتصادية كبيرة إذا ما تم تطبيقها على الوجه الصحيح. فحوض نهر النيل، على سبيل المثال، موطن لنحو 180 مليون نسمة منتشرين في بلدان شرق أفريقيا. ويعيش كثير من هذه البلدان غارقا في دوامة الفقر، وخاضت سبعة منها مؤخرا تجربة الصراع. إلا أن الخبراء يقدرون أن الإدارة التعاونية لأحواض مصادر المياه يمكن أن تزيد النمو الاقتصادي – تزيده بشكل كاف لانتشال هذه الدول من وهدة الفقر وإيجاد الأساس لاستقرار أقليمي أفضل.



كما أننا نتطلع إلى الإفادة من منتديات إقليمية مثل مجلس الوزراء الأفارقة حول المياه ومركز التميز الخاص بالمياه في الشرق الأوسط والمقرر إنشاؤه قريبا. ونرجو أن تعمل هذه البرامج كمراكز لارتباط دول محلية مع بعضها البعض، وكذلك مع جامعات ومختبرات وفرق أبحاث في العالم قاطبة تتشاطر إهتمامات بقضايا المياه.

طبعا في الوقت الحاضر سبقتنا جميعا الجميعة الجغرافية القومية بإصدارها هذا العدد الخاص والرائع عن موضوع المياه بعنوان "عالمنا الظمآن". ومن إحدى الخرائط المفيدة لهذه الجمعية التي كنت أستخدمها على الدوام في صفوف الدراسة هي "عالم من الأنهار" وفيها ترسيم لكل نظام أنهار في العالم مما ينفح حياة في ما نقترحه.

ثانيا، علينا أن نحدث نقلة في مساعينا الدبلوماسية ونحتاج لتنسيقها بصورة أفضل في الوقت الذي تتعاطى أكثر من 24 وكالة للأمم المتحدة وغيرها من هيئات غير حكومية بمسائل المياه. كما أن بنوك تنمية متعددة الجنسيات، بما فيها البنك الدولي، وغيرها من مؤسسات مالية دولية، إكتسبت خبرات معمقة بالعمل على حل مشاكل المياه وتحدياتها. لكن ما تقوم به هذه الهيئات من مهام كثيرا ما عانى من انعدام التنسيق وعدم إيلاء اهتمام لها على مستوى رفيع. مثلا البيان المشترك لزعماء مجموعة الثماني–أفريقيا حول المياه في آخر قمة لمجموعة الثماني بآكيلا، إيطاليا، وجه رسالة مفادها أن قضايا المياه تمثل أولوية للمجموعة الدولية. ونحن تعهدنا بمتابعة هذه القضية من خلال التوكيد على قضايا المياه داخل منظمات ما بين حكومية ومؤسسات مالية دولية وغيرها من هيئات إقليمية وعالمية.

وقضية المياه هي اختبار للدبلوماسية الوقائية. فمن منطلق تاريخي كان الكثير من التحديات العالمية طويلة الأجل، ومن بينها المياه، عرضة للإهمال طوال سنوات حتى اشتدت خطورتها إلى حد لم يعد يتسنى إغفالها بعد الآن. وإذا تمكنا من حشد العالم كي يعالج قضية المياه في الوقت الراهن سيكون بمقدورنا أن نتخذ إجراء تصحيحيا في وقت مبكر وأن نتجاوز التحديات التي تنتظرنا. وبعملنا هذا سنتمكن من تأسيس سابقة إيجابية لعمل مبكر في معالجة مسائل خطيرة أخرى هي مدعى قلق عالمي.

أما العنصر الثالث في استراتيجيتنا الخاصة بالمياه فيشمل حشد الدعم المالي. إن تدبير قضايا المياه يتطلب موارد مالية وفي بعض الحالات ستكون الولايات المتحدة قادرة على توفير مساعدات. وقد شاهدنا كيف يكون لمنح وهبات صغيرة نسبيا أبعد الأثر على أمن المياه. فقبل 10 سنوات في الإكوادور، أطلقت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية مساعدات فنية على مدى عدة سنوات لدعم تأسيس صندوق أمانات مائي لحماية مستجمع مياه العاصمة كيتو مستقبلا. واليوم وبفضل العمل الذي يقوم به شركاء كثيرون زادت مبالغ هذا الصندوق إلى 6 ملايين دولار وهو يوفر 800 ألف دولار سنويا لجهود الصيانة. وفي ما يتعلق بالشعب الأميركي وشعب الإكوادور فإن هذا يمثل عائدا مدهشا لاستثماراتنا. كما أن هناك هبات أميركية أخرى تستهدف بمنافعها دعم مشاريع صحية وأخرى للصرف الصحي او تحسين نوعية المياه وتعتمد على معدات صغيرة النطاق مثل تكنولوجيات تنظيف وتنقية المياه المنزلية. علاوة على ذلك، نقوم باستثمارات بالغة الأهمية في برامج تعمل على الترويج للسلوك الذي يسهم في توفير الصحة النظيفة والصرف الصحي الحميد.

وفي بعض الحالات، نقوم بتوفير مساعدات لمشاريع أكبر للبنى التحتية. في الأردن مثلا، ساعدت وكالة التنمية في بناء معمل لتحلية المياه ومنشأة لمعالجة مياه الفضلات ومنظومات لتزويد الماء وأخرى للصرف الصحي تلبي احتياجات اكثر من مليوني مواطن. كما أننا ندعم مشاريع مماثلة على نطاق كبير في عدد من البلدان التي تتلقى مساعدات من خلال مؤسسة التحدي الألفية. ومن برامج المياه المدعومة من قبل هذه المؤسسة برامج لتحسين منظومات الري وإعادة بناء بنى تحتية حيوية وزيادة وصول البشر إلى المياه النظيفة وشبكات الصرف الصحي. وعموما، استثمرت مؤسسة التحدي الألفية 1.3 بليون دولار حتى هذا التاريخ في برامج مياه تديرها حكومات بمفردها. لكن في الوقت الحالي لن نتمكن من توفير هذا النوع من الدعم في كل مكان. ورجاؤنا أن تبعث هذه المشاريع رسالة إلى الحكومات في الدول النامية مفادها أنه إذا تبنت سياسات سليمة وإصلاحات جدية فإن الولايات المتحدة ستساعدها في تنفيذ حلول مستدامة لمشاكل المياه تعود بالمنفعة على شعوبها. كما أن نجاح حكومة ما في تزويد إمدادات مياه وخدمات صرف صحي هو مؤشر أساسي لتصمميها على تأمين خدمات حيوية أخرى.

وتعمل الولايات المتحدة على تعزيز أسواق الرساميل وتعزيز الإئتمانات والإقتراض لهدف حشد الموارد المالية داخل البلدان النامية. وفي حالات كثيرة سيتوفر ما يكفي من رؤوس الأموال في البلدان النامية لتمويل مشاريع مياه. لكن هذه المبالغ تظل قابعة في المؤسسات المالية بدون توظيف عوضا عن تسخيرها للخير العام. وقد ابتكرت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية وسائل خلاقة لتدبير الأخطار التي ترافق الإستثمار في البنى التحتية للمياه والصرف الصحي. ونتيجة لذلك، أفلحنا في اجتذاب رساميل محلية للمساعدة في حل مشاكل مياه. وفي بعض الحالات سخرنا المبالغ الأميركية في نسب 1 إلى 20.

كما أننا معنيون جدا في منظمات لا تتوخى الربح مثل منظمة "أكيومن" وسواها التي تساعد في إنشاء نماذج ربحية في الهند وغيرها من بلدان وهي نماذج أثبتت نجاحها حتى الآن.

رابعا،علينا أن نوظف قوة العلوم والتكنولوجيا. إذ لا توجد هناك عصا سحرية تكنولوجية لمعالجة شح المياه رغم أن بعض النجاح حالفنا في حلول بسيطة مثل المرشحات المصنوعة من الصلصال والمطهرات الكلورينية. لكن ثمة عددا من المجالات حيث العلوم والإبتكارات التكنولوجية يمكن أن تحدث أثرا هائلا كما أن هيئات الحكومة الأميركية بلغت آخر ما توصل إليه العلم في جهود عالمية لتقييم مشاكل المياه ومعالجة تحدياتها. فقد اكتشف باحثون يعملون في هيئات حكومية أميركية أساليب افضل لتطهير وتخزين مياه الشفة وللتنبؤ بحصول فيضانات وجفاف ولتحسين إنتاجية الماء لأغراض التنمية الإقتصادية وإنتاج الغذاء. كما شهدنا تقدما في تكنولوجيات مستحدثة لمعالجة المياه الآسنة، وتحلية المياه، واستخدام أنظمة معلومات عالمية النطاق. ويتعين علينا أن نعمل بصورة أجهد لتقاسم هذه البيانات مع بقية العالم.

ولذلك السبب، سنعتمد نهجا يطال كافة هيئات الحكومة حيال هذه المسألة. وإلى جانب وزارة الخارجية ووكالة التنمية ومؤسسة التحدي الألفية نقوم بتوظيف خبرات هيئات تقنية ومعارف مجموعة هيئات الإستخبارات وأفضل الممارسات لدى أولئك الذين كانوا يعملون على معالجة هذه التحديات هنا في الولايات المتحدة.

ومثال على ذلك مبادرة مشتركة ترعاها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية ووكالة الفضاء الاميركية (ناسا) لتأسيس نظام رصد وتصوير للأرض في جيال الهمالايا. ذلك لأن الأنهار الجليدية في سلسة الجبال تلك هي بمثابة برج تخزين لمياه آسيا يمد بالمياه أكثر من 1.4 بليون إنسان وبالتعاون مع بلدان مجاورة تعكف وكالة التنمية وناسا على تطوير نظام يقدم صورة أوضح للعرض والطلب على المياه في المنطقة ويسهل جهودا للتكيف مع التغير المناخي.

وفي الوقت الذي نتواصل فيه داخل هيئات الحكومة الأميركية للمساعدة في التصدي لهذه التحديات سنحتاج لتوظيف الطائفة الكاملة لروابطنا خارج الحكومة. ولهذا السبب فإن الجانب النهائي لجهودنا في مجال المياه يقضي بتوسيع مدى شراكاتنا. وبتركيزنا على مقوماتنا وتوظيف جهودنا في مقابل ما يقوم به آخرون سيكون بمقدورنا أن نحقق نتائج تفوق نتائج مجموع الأجزاء المنفردة.

كما أن المنظمات غير الحكومية وغير الربحية، بما فيها منظمات ممثلة هنا اليوم، تمارس دورا محوريا كعناصر تنفيذ ودفاع عن قضايا المياه. وهناك مؤسسات خيرية من القطاع الخاص مثل مؤسسة بيل وميليندا غيتس، ومؤسسة كونراد هيلتون، ومؤسسة روتاري الدولية، التي يتزايد تعاطيها بمسألتي المياه والصرف الصحي.

والقطاع الخاص مجال آخر حيث نحتاج أن نقيم أواصر أقوى معه. فبعض من شركاته مثل شركة كوكاكولا وشركة بيسبسيكو، لديها مصالح أساسية متصلة بقضايا المياه وسجل بالعمل على ترقية معايير الماء وكفاءتها. لكن حتى في الصناعات التي تبدو غير مكترثة بالمياه فإن تركيزا على هذه القضايا يمكن أن يكون له أثر ملحوظ. على سبيل المثال شركة إنتل" التي حافظت عن طريق الإقتصاد على أكثر من 30 بليون غالون (113 بليون ليتر) من الماء في العالم قاطبة على مدى العقد المنصرم.

ونحن نرغب في أن نحدد فرصا إستراتيجية للعمل مع شركات القطاع الخاص واستقدام مهاراتها الفنية واجتذاب رساميلها ليكون لها أثر على معالجة التحديات التي تجابه قطاع المياه. وفي وزارة الخارجية نعكف على التوكيد على أهمية قضايا المياه ضمن "مبادرات الشراكات العالمية". ويوم الثلاثاء، 23 آذار/مارس الحالي، سننظم أول ما أتوقع أن تكون لقاءات عديدة مع شركات كبرى ومؤسسات لدراسة كيفية معالجة تحديات المياه بصورة أفضل من خلال شراكات مشتركة من القطاعين العام والخاص والعمل سوية نحو تعاون طويل الأجل.

والآن إن دمج هذه الروافد الخمسة من العمل في مسار نهر جبار يخترق كافة أقسام أجندتنا الدبلوماسية والتنموية لن يكون سهلا. لكن لحسن الحظ لدينا فريق مناسب لتلك المهمة. فقد طلبت من وكيلة وزارة الخارجية أوتيرو ومدير وكالة التنمية راج شاه أن يقودا عملنا في هذا الملف. ولولا سفر راج هذا اليوم لكان معنا هنا.

لكن هذين المسؤولين سيعملان على ضمان أننا سنعتمد نهجا شاملا. فبغض النظر عما إذا كنا نعمل على إدارة مستجمع مائي او مسألة الكفاءة او الصرف الصحي او الإنتاج يتعين علينا أن ننظر إلى تلك التحديات بصورة مكتملة وسيكون المسؤولان مكلفين بالمحافظة على الصورة الأشمل في ذهنهما.

وهكذا، مع مضينا قدما سيساعدانا في تحديد ما الذي يعمل وما الذي لا يعمل. وسيساعدانا في الإستثمار في هذه النهوج التي تثمر نتائج مستدامة وقابلة للقياس. وسنتمكن من الحفاظ على تصور أطول أجلا لهذه التحديات. وعلينا أن نتيقن من أن العمل الذي نقوم به في قضايا المياه لن يكون عملا آنيا فحسب بل في الحقيقة يثبت بقاءه على مدى الزمن.

وفي الوقت الذي نجابه هذا التحدي فإن من الأمور التي ستحافظ على ديمومتها التزام الولايات المتحدة بقضايا المياه. ونحن في هذا للمدى البعيد. وأنا على قناعة أنه إذا نجحنا في تمكين المجتمعات والبلدان من مواجهة تحدياتها وتوسيع مساعينا الدبلوماسية والقيام باستثمارات رشيدة وتشجيع الإبتكار، وبناء شراكات فعالة، سيكون بمقدورنا أن نحرز تقدما حقيقيا وأن نغتنم هذه الفرصة التاريخية.

صحيح أن علينا الآن أن نقوم بذلك من أجل أنفسنا لكن ينبغي علينا أيضا أن نفعل ذلك للأجيال المستقبلية. ونحن نلمس رؤيا واحدة لمستقبل المياه العالمية في أماكن مثل صنعاء العاصمة اليمنية، حيث تجابه المدينة أخطارا محدقة بنفاد المياه الجوفية في السنوات القادمة.

لكن ثمة فرصة بمستقبل أفضل بكثير حيث نلتقي سوية فعلا لاتخاذ قرارات لتأمين موارد (الماء) للأجيال القادمة. وهذا ليس لمنفعة أفراد فحسب بل للمساعدة في إيجاد غد حيث يبدي جميعنا احتراما أكثر لبيئتنا وتقديرا أكبر للمياه التي هي جوهر الحياة، وأن نثمن أكثر إنسانيتنا المشتركة.

إن الماء الذي نستخدمه هذا اليوم كان يجري وينساب في الأرض منذ بداية الدهر. وهذا الماء يجب أن يسند البشرية طوال عمرنا على هذه الأرض.. وبهذا المعنى إننا لن نرث هذا المورد من أبائنا بل إننا في الحقيقة، وكما تذكرنا ثقافات محلية كثيرة، نقترضه من أبنائنا. ورجائي هنا هو أنه من خلال جعل ملف الماء قضية ذات أولوية بل أولوية قصوى في حواراتنا الوطنية والدولية سيكون بمقدورنا أن نمنح أبناءنا وأحفادنا المستقبل الذي هم جديرون به.

وكثير منكم خبراء وقد كرستم حياتكم المهنية للعمل من أجل المياه. ولقد حضرت إلى هذا المكان لأعبر عن امتناني لكم. فشكرا على كل ما فعلتموه. وأنا أعرف أهمية ما (فعلتموه). ولعلكم لا تشاهدون ذلك في عناوين الصحف لكن كثيرا ما تلمسونه في الإتجاهات. وفي كثير من الأحيان يرصد الرادر ما تقومون به. وغالبا يكون أحد الأسباب الجذرية لما تتناقله النشرات الإذاعية الهامة. إذن ما تفعلونه ليس من أجل المياه فقط وليس حتى بالأصالة عن التنمية بل إنه من أجل السلام والرخاء والفرص والأمن. ونحن نود أن نكون شريكا طيبا لكل منكم ولكل أولئك ممن يعتبرون الماء جزءا ضروريا من أجندة السياسة الخارجية الأميركية.

إنني متحمسة لما ينتظرنا في الافق وأتطلع قدما إلى العمل معكم. وأشكركم على هذه الفرصة التي أتحتموها لي كي أحضر وأتكلم أمامكم


منقول عن http://www.america.gov/st/texttrans-arabic/2010/March/20100323163352ssissirdilE0.2235376.html

No comments:

Post a Comment