Monday, March 15, 2010

شاعرات أميركيات عربيات يستعرضن قصائدهن وأعمال أديبات غيرهن

(رغم قدم هذه المقالة إلا أني ارتأيت مشاركتكم بها)


شهدت مكتبة فولجر شكسبير في واشنطن العاصمة في 13 تشرين الثاني/نوفمبر، 2002 حدثا تفاعليا في الأدب الأميركي العربي الهادف إلى التقريب بين الاختلاجات الفكرية الغربية والعربية. ففيه سعت الشاعرة الأميركية العربية نتالي حنظل إلى تقريب المسافة الأدبية بين البلد الذي اختارته وطنا لها ووطنها الأصلي المتحدرة منه وتعميق التوافق والفهم بينهما.

وعلى مسرح القاعة التي غصّت بالحاضرين، وبرفقة الشاعرتين العربيتين الأميركيتين نعومي شهاب ناي، وإلماز أبي نادر، تلت نتالي حنظل ورفيقاتها قصائد من نظمهن وقصائد غيرهن من الشاعرات العربيات لإبراز أعمال الشاعرات العربيات الأميركيات من خلال مختارات حنظل التي نشرت في العام 2002 بعنوان "شعر النساء العربيات." ويضم ديوان المختارات بين دفتيه قصائد لأربع وثمانين شاعرة عربية يعشن في مختلف أقطار العرب وبلاد الاغتراب بمن فيهن شاعرات عربيات أميركيات وعربيات أخريات في فرنسا. وتقول حنظل إن المختارات تضم أيضا "حتى الكتابة الفلسطينية بالسويدية." والقصائد التي تضمها المختارات كتبت ونظمت أصلا بعدة لغات، بينها العربية، وترجمت إلى الإنجليزية لنشرها. وتؤكد حنظل أن كل البلدان العربية ممثلة تقريبا في المجموعة المختارة.

وكشفت حنظل في مقابلة أجريت معها عن أن فكرة جمع مختارات من "شعر النساء العربيات" خطرت لها أثناء جولة لها في الشرق الأوسط شاركت خلالها جماهير الأدب العربية والجماعات الطلابية في الجامعات في أعمالها. فقد أدركت آنذاك أن الكتّاب والأدباء العرب الأميركيين عموما، لا سيما الأديبات والكاتبات العربيات الأميركيات، لا يكادون يُعرفون في العالم العربي.

وترى حنظل أن من "الرائع المدهش في الأدب الأميركي العربي اليوم أن أغلبية معظم الناس الذين يكتبونه اليوم هن كاتبات عربيات أميركيات."

ولحنظل كتاب جديد سيصدر قريبا عن الأدب الأميركي العربي (يشتمل أعمالا من تأليف رجال ونساء ومن كل الأطياف والأساليب الأدبية) تقول عنه صاحبته إنه يُسمع "كثيرا من الأصوات النسائية."

وشاركت حنظل الجمهور في التجربة التي خرجت بها من زيارتها للجامعة الأردنية وقرأت قصيدة من نظم نعومي شهاب ناي عن شجرة تينها. وقالت "جاءني جمع من الناس يسألون ’من هي هذه المرأة؟ كيف يمكن أن تكون لها هذه الروح العربية وهذه المشاعر العربية؟‘ أما الآن فالجميع يعرفون من هي نعومي شهاب ناي. لكن في ذلك الوقت لم تكن هناك معرفة تذكر بالعرب الأميركيين. لذا أصبح من المهم جدا جمع كل هذه الأصوات معا" في كتاب واحد.

"أنا كعربية أميركية، أشعر بأنني جزء أيضا من مجمل الثقافة الفلسطينية الجماعية والمجتمع والوعي والانتشار الأدبي الفلطسيني حتى ولو لم يُكتب باللغة العربية." قالت حنظل هذا باعتزاز.

أرادت حنظل أثناء انكبابها على جمع المختارات الأدبية إبراز الصفات المشتركة التي تجمع بين النساء العربيات وتؤلف اللُّحمة بينهن مع إظهار الفوارق والاختلافات إلى جانب الثراء والتنوع الذي ينطبع عليه العرب في أوطانهم في الشرق الأوسط وفي شتات الاغتراب. وتعتقد حنظل أن النساء العربيات، سواء في المغترب أو في الشرق الأوسط، ما زلن عربيات يواجهن قضايا ومشكلات متشابهة وإن كانت في مضامين وأطر مختلفة. قالت "أريد أن أوحد ذلك بدون محو الاختلافات."

تتضح معالم الثراء والتنوع في التجربة العربية الأميركية والصوت الموحِّد للثقافة العربية في قصة ومجريات حياة الشاعرة نفسها. وفي ما يلي نبذ من سير حياة ثلاث شاعرات عربيات أميركيات اشتركن في حفل القراءات الشعرية في 13 تشرين الثاني/نوفمبر:

* نتالي حنظل

تفرعت هجرة أسرة حنظل من بيت لحم واتجه أفرادها في بداية القرن العشرين إلى الولايات المتحدة وأميركا الوسطى وأميركا الجنوبية ومنطقة الكاريبي. واقتفت نتالي حنظل أثر مسيرة عيش أسلافها فسكنت الولايات المتحدة وأقامت في أوروبا والكاريبي وجالت في الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية. ولذا جاء شعرها تعبيرا ملونا يصف خلفيات أقاربها ومعيشتهم في الولايات المتحدة والمكسيك وجمهورية الدومنيكان.

تلت في حفل القراءة الشعرية قصيدة بعنوان "إل أمويرزو دي تيا حبيبا" (أي فطور العمة حبيبة) صورت فيها اجتماع عماتها وخالاتها وعمها كل صباح يوم جمعة للاستمتاع بالفطور الذي تعده العمة حبيبة من أطعمة تشمل التاماليتو (فطائر من دقيق الذرة المحشو باللحم المفروم) والحمّص واللبن، وهي وجبة تشتمل على المأكولات المكسيكية والعربية التقليدية. وغالبا ما تضمّن حنظل شعرها انطباعات وصورا لجبل الزيتون والقدس القديمة وامتداد أفق البحر الأبيض المتوسط ولفح الحر الصحراوي، كما يتحدث شعرها عن قصة البلاد المقدسة التي تقرأها في عيون العمة حبيبة.

الشعر ليس الأداة الوحيدة التي تستخدمها نتالي حنظل لمد جسور التفاهم بين الوطن الذي اختارته وتبنته وبين وطن أجدادها. فكانت هي شريكة فكرة إقامة معرض الفنانين الفلسطينيين تحت شعار "جسور وليامزبيرغ إلى فلسطين" الذي استمر شهرا وشارك فيه فنانون فلسيطينيون من فلسطين والخارج. وقد أقيم المعرض الذي استمر طيلة شهر تشرين الثاني/نوفمبر في بروكلين بنيويورك برعاية مركز وليامزبيرغ للفن والثقافة وضم 800 معروضة من أعمال الفنانين الفلسطينيين.

وقد ظهرت لحنظل كتابات وأعمال عديدة في المجلات والمنشورات الأدبية في الولايات المتحدة وأوروبا والشرق الأوسط بما فيها أوربيس، والاستعراض الأدبي، وأمبيت ستون سوب، وسابل وجسور والجديد والكرمل وغيرها، كما اشتمل الكثير من المقتطفات الأدبية المنشورة على أعمال لها. وتكتب حنظل بالإنجليزية وترجم نتاجها إلى العربية والإسبانية والفرنسية.

* نعومي شهاب ناي

ولدت نعومي شهاب ناي في مدينة سانت لويس بولاية ميزوري لأب فلسطيني وأم أميركية.

أبوها اضطرته ظروف حرب العام 1949 العربية الإسرائيلية إلى أن يصبح لاجئا. وهاجر في وقت لاحق إلى الولايات المتحدة طلبا للدراسة الجامعية. وعمل محررا في جريدة أخبار دالاس الصباحية (دالاس مورننغ نيوز) فكان من بين العرب الأميركيين القلائل الذين تبوؤا منصبا رفيعا بين محرري الصحف الأميركية اليومية الكبرى.

تستمد ناي، التي تعيش الآن في مدينة سان أنطونيو بتكساس، وتستلهم في كتاباتها من الأصوات والانطباعات المكسيكية من حولها من الناس الذين يعيشون بقربها ومن منظورها وانطباعاتها عن العرب الأميركيين وتستوحي من الأفكار والتجارب والممارسات المختلفة للثقافات الفرعية المحلية التي تتميز بها الولايات المتحدة.

وروت ناي لجمهور حضور القراءة الشعرية قصة وصولها إلى واشنطن للمشاركة في الحدث، وقالت إن الذي أوصلها من المطار كان سائق تاكسي مهاجرا. ولاحظت نعومي أنها والسائق كانا يرتديان نفس الطاقية الأفغانية التي اشتراها كلاهما في باكستان. وقادهما الحديث إلى التبادل والمشاركة في قصص حدائق الورود لكل منهما. وما لبثت أن وجدت نفسها تفكر "هذه هي الحياة في هذا البلد. وأنا أحبها جدا."

ردا على هجمات 11 أيلول/سبتمبر كتبت ناي رسالة عنوانها "إلى كل من سيصبح إرهابيا" نشرت في " الكتّاب الأميركيون يردون في 11 أيلول/سبتمبر 2002." كتبت ناي في رسالتها الموجهة إلى "من سيصبح إرهابيا" تقول "أنا مقهورة لألم بلدي وغاضبة. فرفاقك لم يقتلوا آلاف الأبرياء من الناس من مختلف الدول في ذينك المبنيين ولم يجرحوا أسرهم إلى الأبد فحسب، وإنما جرحوا مجتمعا كبيرا من شعوب الشرق الأوسط والولايات المتحدة والعالم كله. وإذا كان ذلك هو ما أرادوا فعله، فرجائي أن تعلم أن المهمة نجحت نجاحا مروعا وأنت بإمكانك أن تتوقف الآن.

وتحدثت ناي في قراءتها عن زياراتها إلى مشيغان التي وصفتها بأنها "الولاية التي رحبت بأعداد من العرب الأميركيين أكثر من أي ولاية أخرى. وعرضت ناي في قصيدة "خطوات" صورا وانطباعات مذهلة في وصف الرابطة التي تشد الجاليات المهاجرة إلى أوطانها الأصيلة منها "رجل يخطّط يافطة لدكان بقالته بالعربية والإنجليزية. دهان طلاء الحروف الإنجليزية يجف بسرعة. لمسات فرشاته المثقلة بالدهان وانحناءات وتداوير الحروف العربية تبقى طريّة ولمّاعة حتى الغد عندما يقبل الأطفال مخشخشين نقودهم، فقد تعلموا عملة العالم الجديد...طفلة من أولئك الأطفال ستروي يوما ما الحكاية التي ستبقي شعبها حيا.."

أحدث دواوينها الشعرية كان بعنوان "19 فصيلة من الغزلان"، وهي مجموعة من قصائدها عن الشرق الأوسط نشر هذه السنة ورشّح لتوه في التصفية النهائية للجائزة المرموقة "جائزة الكتاب الوطنية." وقد حازت ناي على جوائز من معهد تكساس للآداب وجائزة كاريتي راندال ومنتدى الشعر الدولي.

* إلماز أبي نادر

بدأت أبي نادر قراءتها بالقاء السلام على جمهور الحضور قائلة "السلام عليكم" بالعربية فما كان من الجمهور إلا أن رد التحية "وعليكم السلام."

ولدت إلماز أبي نادر ونشأت في بلدة صغيرة في جنوب غرب ولاية بنسلفانيا اسمها كارمايكلز اشتهرت بمناجم الفحم. روت أبي نادر قصة أسرتها التي تضمنتها مذكراتها الشهيرة "أبناء الروجي: رحلة عائلة من لبنان." يستعرض كتابها المجاعة التي أصابت لبنان في الحرب العالمية الأولى وفتكت بربع سكانه. ويتحدث الكتاب أيضا عن رحلات أفراد أسرتها ذهابا إلى لبنان وإيابا منه ورحلة أبيها التجذيفية على نهر الأمازون عام 1920.

وقُدمت أبي نادر للجمهور أول مرة من خلال "أوراق العنب، قرن من الشعر العربي الأميركي" وكانت أصغر شاعرة ضمت المختارات آنذاك شعرا من نظمها. ينزع شعرها إلى التركيز على مواضيع تتناول المسحوقين المغلوبين على أمرهم والذين يعملون في الأرض وثقافات العرب والعرب الأميركيين.

قرأت قصيدة كُلفت بكتابتها بمناسبة الذكرى التكريمية المئة لمولد جبران خليل جبران. تناولت في قصيدتها أفكار جبران حول "العقل والعاطفة" والقدرة على تحقيقق التوازن بين المنطق والانفعال. وحكت للجمهور كيف أن الوحي هبط عليها ذات يوم وهي راكبة في حافلة أتوبيس للنقل العام في أوكلاند بكاليفورنيا، فخطر لها وكتبت "إذا أعطيتُ الخيار يا خليل، سأختار العاطفة بدلا من العقل. دع قلبي يمتلئ ويندفع نحو خطر حب سريع أو غضب سهل."

فازت أبي نادر مؤخرا بجائزة جوزفين مايلز الأدبية في أوكلاند للشعر المتعدد الثقافات على مجموعتها الشعرية "في بلد أحلامي."

خاضت أبي نادر أيضا مجال كتابة المسرحيات. وفازت مسرحيتها المؤلفة من ثلاثة فصول "بلد الأصل" بجائزتين للدراما من حلقة نقاد بورتلاند المسرحيين. ويقوم حاليا فريق مسرحيتها الجديدة "تحت قمر رمضان" التي تتقصى الأنماط الانطباعية للعرب والعرب الأميركيين بجولة فنية.

وكانت قراءة "شعر النساء العربيات" جزءا من سلسلة القراءات الشعرية التي تنظمها مكتبة فولجر شكسبير التي توفر مسرحا ومنبرا للشعر الحديث. وفولجر مكتبة أبحاث مستقلة وصندوق خاص وتتلقى تمويلا خاصا. وتضم مكتبة فولجر أكبر مجموعة من أعمال شكسبير المطبوعة ومجموعة رائعة متميزة من كتب ومخطوطات عصر النهضة.

منقول عن http://www.america.gov/st/peopleplace-arabic/2002/November/20100304085637bsibhew0.2534754.html

No comments:

Post a Comment