Monday, March 7, 2011

موقف السعوديين الأمريكيين من المظاهرات المرتقبة في 11 مارس

سألني أحد الأصدقاء في اتصال هاتفي عن موقف السعوديين الأمريكيين من النداء لمظاهرات بعد أيام قلائل في المملكة. وددت لو كان لي رد يؤكد على موقف واحد للمجموعة الصغيرة من السعوديين الأمريكيين الذين أتواصل معهم ولكن الحقيقة أنه يستصعب تكوين موقف دون أن نجتمع تحت مظلة تنظيمية فاعلة. ولكن أعتقد أننا نجتمع حول بعض النقاط الأساسية:
- ثقة في الملك عبدالله كشخص
- خوف على مستقبل المملكة كونها دولة رجال (أي أن قدرها مربوط بالملك وليس بمؤسساتها)
- قلق من احتدام الصراع الداخلي بين أفراد الأسرة في التعامل مع الورد السعودي في ربيع الثورات العربية هذا
- إنعدام الثقة في مقدرة السلطات على التعامل مع التظاهر السلمية

أما أنا شخصيا فأعتقد أن عدم التكافئ بين الثقافات المكونة للمملكة (أهل الشرقية أصحاب البترول، أهل الحجاز أبناء الحرمين، أهل الشمال ومراتع الهلال الخصيب، وأهل الجنوب مذللين جبال السراوات) هو أول ما يجب على الحكومة السعودية أن تعترف به ومن ثم تضع رؤيتها من أجل أن يكون لكل المجاميع نصيب من ثروات المملكة. وفي المقابل يجب سن القوانين التي تكلّف المواطنين جميعا بمسؤولية المشاركة الفاعلة في وضع القرار وتشكيل مستقبل الدولة من خلال فتح المجال للنشاط السياسي والتنظيم لمجتمع مدني حيوي. 

الدستورية الملكية يجب أن تكون أول الأفكار التي تناقشها السعودية بانفتاح ودون تصلب من قبل العائلة المالكة. لا أريد أن أقول هنا أن على آل سعود أن لا يغترّوا باسم هذه المملكة فمع أنها تعود إليهم إسما: المملكة العربية "السعودية"  إلا أنها ملك لكل من عمل من أجلها وأقسم ولاءا لإخوته من المواطنين من شمال إلى جنوب ومن شرق إلى غرب دون تفريق بين حنبلي ومالكي ولا بين سني وشيعي.

لا أريد الإطالة هنا ولكن النقاط الأهم التي يجب أن تؤخذ في الإعتبار هي التأكيد على حق الشعب في المشورة، واستقلالية القضاء، وأن حقوق المواطن لا تعتمد على الولاء لشخص بل الولاء لمجتمع ولمؤسساته؛ والذي لا يتم دون دستور واختيار الأفضل من بين المواطنين (هذا الخيار يجب أن يكون شعبيا). أنا لا أقول بأن الديمقراطية هي الحل بل يكفي أن "توكل" كل مجموعة من ينوب عنها سواء كان شيخ العشيرة أو كبير العائلة أو غيره (سواء كان رجلا أو إمرأة) ليكونوا الممثلين لهم في طرح الآراء والعمل على المصلحة العامة بالموافقة أو الرفض على القوانين أو اللوائح أو النظم (في مجلس الشورى مثلا). هذا يتطلب التأكيد على حق الفرد في أخذ قراراته بنفسه (مرة أخرى سواء كان رجلا أو إمرأة فلا تقوم قائمة لأي مجتمع إذا كان يذّل نصف أعضائه)، والتعبير بحرية دون التعدي على حريات الآخرين. هذه المبادئ ليست من الغرب ولا الشرق فهي من التراث الإسلامي والعربي أما الملكية المطلقة فلا أظن أنها من تاريخ العروبة وليست من الإسلام في شيئ. 

المبدأ الذهبي الذي يضمن نجاح المجتمع يقول "إن انشغلت بأداء مسؤولياتك في مجتمع يشاركك نفس المبدأ فسوف تحظى بحقوقك دون أن تطالب بها"  

وليد جواد
سعودي أمريكي

Wednesday, February 2, 2011

أمريكا ويناير 25

هناك اختلاط واضح حول فهم الموقف الأمريكي مما يحدث في مصر؛ فالجدال بين المنظّرين يُفَاضِلْ بين اثنين: هل تتخلى أمريكا عن حليفها حسني مبارك من أجل التأكيد على الحق العالمي للشعب المصري بالتعبير عن رأيه بالتظاهر السلمي أم أنها ستلتزم بمصالحها وتتمسك بحلفائها على حساب مبادئها. هذين الخيارين على طرفي نقيض ولا يعكسان الخيارات الفعلية التي تنظر إليها الولايات المتحدة.

الإدارة الأمريكية تنظر إلى الوضع المصري على أنه وضع معقد يفوق الخيارات المبسطة بين "نعم" و "لا" أو هذا وذاك. خيارات الموقف الأمريكي تعتمد في أساسها على استراتيجية طويلة المدى ترغب في استقرار مصر وبالتالي المنطقة؛ وذلك ليس سرا فالاستقرار يصب في المصلحة الأمريكية وهو ذات الاستقرار الذي يتماشى مع المصلحة العربية. ولكن هذه الاستراتيجية لا يمكن أن يكتب لها النجاح إن لم تتفاعل الولايات المتحدة مع المتغيرات السياسية على أرض الواقع. ومع أن القرارات السياسية عادة ما تكون منفصلة عن العواطف باعتمادها على النتائج العملية إلا أن أمريكا تضع في الاعتبار "ماذا يقول عنها الناس" في محاولة للموازنة بين قراراتها السياسية - كأي حكومة أخرى - وبين دعم مبادئ حقوق الإنسان العالمية. من حسن حظ الإدارة الأمريكية أن نظرية المؤامرة لا تتهم أمريكا بإشعال شرارة يناير 25. 

أمريكا يهمها النتائج وليس مَنْ الذي يعمل على تحقيق تلك النتيجة. استقرار مصر هو الغاية، وربما كانت الوسيلة في يد حكومة حسني مبارك على مدى الثلاث العقود الماضية إلا أن مبارك الشخص ليس الغاية وبقاؤه من عدمه يعود إلى إرادة الشعب المصري. تلك هي الحقيقة لأن غير ذلك سيكون تدخلا لا ترغب الولايات المتحدة في تحمل تبعاته. ومع أن الولايات المتحدة لا يمكنها أن تتناسى العلاقة الطويلة التي تربطها بمبارك على مدى إدارات ديمقراطية وجمهورية متتالية إلا أنها لم تتجاهل المعاناة التي تكبدها الشعب المصري عبر العقود. فقد طالبت الإدارات الأمريكية المتعاقبة من حكومة مبارك مراعاة حقوق المصريين وأكدت على أهمية الشفافية في الانتخابات وغيرها من الانتهاكات التي تعلن عنها أمريكا في تقراريها السنوية ومن خلال المؤتمرات الصحفية. يبقى أن إرادة الشعب يجب أن تكون نابعة منه وإلا فسيعتبر الضغط الخارجي تدخلا.

كانت الولايات المتحدة وما زالت مؤمنة بأن الحليف القوي هو ذاك النظام الذي يمثله أُناسٌ إختارهم الشعب لأن مواقف تلك الحكومات  تعكس رغبة الشعب بشكل أساس وليس أهواء ومصالح رأس الهرم فيها. إذن؛ ماذا تريد أمريكا؟ تريد للحكومة المصرية سواء كانت برئاسة مبارك أم غيره أن تتجاوب مع الحقوق العالمية للشعب المصري وفي حال تغير القيادة يكون الهدف الأول الابقاء على أمن وسلامة المجتمع المصري وتوفير الأساسيات له على أن يكون مثل ذلك المخاض ذا مغزى أي أن ينتهي بإعطاء الشعب المصري حقوقة وما يصبوا إليه فالكلمة الأخيرة لما يحدث هي للشعب المصري وليس لغيره.  

بصفتي الشخصية
وليد جواد





نشرت في إيلاف:

Monday, January 3, 2011

الوطن! أي وطن؟!

مفهوم "الوحدة الوطنية" الذي نقرأه بشكل عابر هذه الأيام لم يكن من المقبول مناقشته جهارا قبل عقد من الزمان أو يزيد وكأن الفروقات بين مناطق المملكة العربية السعودية ليس لها وجود. بل أن أوبيريت محمد عبده "نحن الحجاز ونحن نجد" - الذي صدر في نهاية الثمانينات على ما أذكر - قد صدمني في حينه لأنه أكد بشكل علني على تعدد مكونات المجتمع السعودي معطيا رخصة للعامة بمناقشة الفروقات حتى وإن كان على مستوى العوائل أو المجالس الخاصة فقط. عقد مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني قبل أيام معدودة تبادلا فكريا تحت عنوان الخطاب الثقافي السعودي الثالث: القبلية، والمناطقية، والتصنيفات الفكرية وأثرها على الوحدة الوطنية.

الحديث عن أهمية الوحدة الوطنية مهم وصحي جدا للمجتمع السعودي لأن عدم الحفاظ على الوحدة يعني بالضرورة التفكك وهو وضع لا يمكن أن يحدث دون صراع ونزاع. ولكن مفهوم الوحدة الوطنية يحتاج إلى فهم وتعريف. بشكل عام يمكننا فهم هذا المفهوم المختزل من خلال كلماته: "الوحدة" هي خاصة بالابقاء على هيكل تنظيمي يجمع بين مناطق لها مقومات عرقية وثقافية مختلفة (أي الآلية التي تحدد تلك العلاقة)، أما كلمة "وطنية" فيهي التحديد السياسي الجغرافي الذي تعيش في داخله تلك المجاميع التي تتمتع كل منها بخواصها المختلفة. إن كان ذلك هو المفهوم المتعارف عليه فلا بأس رغم أنه مختزل ولكن لم أستشف ذلك من موقع الحوار الوطني. فأهداف المركز كما جاءت تقول بالحفاظ على المصلحة العامة من خلال الوحدة الوطنية المبنية على العقيدة الإسلامية.

بناء الوطن على العقيدة الإسلامية هو ما يجعلني أقف لحظة في محاولة لفهم أبعاد هذه الجملة. فصحيح أن حكم العائلة المالكة مبني على "شرع الله" وأن المملكة قامت على تحالف بين سيف آل سعود وقرآن آل الشيخ (محمد بن عبدالوهاب) إلا أن المفهوم السياسي الجغرافي لا تحدده عقيدة دينية في الأساس. فحتى حكم الخلافة الإسلامية عبر العصور لم يكن دينيا بل كان سياسيا ولا ننسى الاقتتال بين المسلمين من أجل الحكم؛ معاوية بن أبي سفيان على سبيل المثال. أنا لا أرغب في "إثارة الفتن" من خلال هذا المقال ولكني أريد أن أؤكد على أن الحوار حول موضوع بمثل هذه الأهمية يجب أن ينطلق من نقطة واحدة مشتركة؛ وإلا فكل مشارك "سيغني على ليلاه".

يجب أن يأخذ المنظمون للحوار الوطني لحظة لتقييم ما يفعلوه ليس لشيء غير لأن مساهمات المركز من الأهمية بمكان يُحتّم التقييم المستمر. على الحوار الوطني أن يحدد المفاهيم التي ينطلق منها. فكما أكد مرارا وتكرارا تحت صفحة "أهداف المركز" بأن كل ما يسعى إليه المركز هو من خلال الإسلام يجب أولا وقبل كل شيء أن يحدد ماهيّة "الوحدة الوطنية" التي يسعى إلى تشكيلها من خلال "العقيدة الإسلامية" التي هي كذلك بحاجة إلى نقاش وفهم.

وليد جواد
@walidaj
walidaj@hotmail.com