Saturday, July 20, 2013

من يحب أمريكا؟!

مين يحب أمريكا؟! أنا ،، إنتَ ،، أو إنتِ؟ لا يوجد هيام ولا غرام عربي لأمريكا إذا كنا نتحدث عن السياسة الأمريكية ولكن صورة أو سمعة الشخص الأمريكي أمر مختلف. دراسة بيو جلوبال الأخيرة بحثت في صورة أمريكا العامة دون مفاجئات كبيرة. فالعالم العربي ممثلا في بضع دول أجريت فيها الدراسة منها مصر ولبنان والأردن تقترح أن النظرة العامة ربما تكون أقل إيجابية من دول أخرى ولكن هناك بعض المفاجئات الصغيرة فمثلا إثنان من كل ثلاث سنيين في لبنان لديهم انطباع إيجابي عن أمريكا مقابل واحد من كل عشرة لبنانيين شيعة.

إذا سألت نفس المجموعة من الناس قبل عدة أعوام عن رأيهم في أمريكا ستجد أن عددا أكبر منهم كان يستسيغ سياستها مع أن السياسة الأمريكية تحاول" بطريقة متخبطة" أن تفوز بود وحب العالم العربي. مع أن الإدارة الأمريكية تعلمت درسها مع الربيع العربي حين كانت تقف على السور لا تعرف إن كان في مصلحتها أن تؤيد الثورات أو أن تؤكد على ثقتها في الحكومات الدكتاتورية. سارعت في الجزء الثاني من الثورة المصرية - ٣٠ يونيو - بموقف أكثر وضوحا بالنسبة للعالم العربي رغم أنها تلقت الكثير من التساؤلات الداخلية لعدم وصف الثورة التكميلية بـ "الإنقلاب" خاصة وأنه كانت عسكرية. لا يمكن لموقف واحد إيجابي أن يغيير الصورة العامة الأمريكية مع أن موقفا واحدا سلبيا سؤدي حتما إلى موجه عارمة من الإستياء.  

لذلك لا توجد دلالات على أن صورة أمريكا ستتحسن في المستقبل القريب لدى العالم العربي مالم تتخذ قرارات سياسية مترادفة تلقى ارتياح المواطن العربي.  حتى الجهود التي يبذلها جون كيري وزير الخارجية لإعادة تفعيل الحوار الفلسطيني الإسرائيلي لن تكون كافية. فقد أصبحت القضية الفلسطينية قضية ثانوية لدى العرب في ظل عدم الاستقرار في العديد من الدول ذات الثقل النوعي كالعراق وسوريا ومصر. حتى وإن لم تكن فلسطين قضية ثانوية في الضمير العربي إلا أن القلة القليلة تؤمن بإمكانية الوصول إلى حل بخصوصها. لا أحد يعرف أبعاد الحل حتى وإن كانت حدود عام ٦٧ هي الأساس فواقع الحال لن يكون كذلك في نهاية الأمر؛ فهل يرضى العالم العربي بذلك؟ أم أن ما سيُرضي الفلسطينيين سيكون مقبولا لكي يتخطى العالم العربي ذلك الصراع؟ لا أعتقد لأن الفلسطينيين أنفسهم منقسمين حول أبعاد الحل.

من السهل أن أنتقد أمريكا من خلال هذه الدراسة ولكني أكن لها التقدير على شجاعتها في إجراء مثل تلك الدراسات والإعلان عنها. ليس هناك دول كثيرة تجرؤ على إجراء مثل تلك الدراسات العلنية. بل في الكثير منها هناك "دراسات" دائمة ومستدامة لمعرفة "نبض الشارع" لدى مواطنيها. بالطبع هؤلاء الباحثين "المؤهلين" القائمين على الدراسة يعملون في مباحث تلك الدول. والدراسات تكون سرية وفي حال احتاجوا إلى تعميق الدراسة فسيستعينون بأصحاب الرأي باستضافتهم في مقراتهم الفارهة.

إن لم أكن أحب أمريكا فإني أحب كل ما فيها من شجاعة علمية ورغبة في المعرفة وأخلاق البحث والاستكشاف وإصرار على جعل تلك المعلومات متوفرة للعالم. على أقل تقدير لم أكن لأكتب هذا المقال ولن تقرأه هنا لولا أن مشروع وزارة الدفاع الأمريكي لربط أجهزة الكمبيوتر الخاصة بها مع بعضها البعض قد تطور ليصبح الإنترنت الذي نتواصل من خلاله بهذه السطور. ذلك ما أعجبني أما انتقادي فهو أنه بالرغم من أن دراسة مؤسسة بيو جلوبال حريّة بالتأمل إلا أنها تخطئ في النظر إلى العالم العربي بعدسة كبيرة واحدة خاصة وأن ما يفرّق العالم العربي أكثر مما يجمعه.

وليد جواد


نشر المقال أولا في إيلاف يوم ٢٠ يوليو ٢٠١٣
http://goo.gl/dbfeI

No comments:

Post a Comment