Thursday, December 20, 2012

يوم القيامة بتوقيت “المايون”


لا يريد أيا منا - كمؤمنين بالكتب السماوية - أن نفكر ولو للحظة فيما لو تحققت نبوءة ثقافة المايون التي تقول بأن العالم سينتهي اليو 21 - 12 - 2012 ميلاديا. بالطبع البعض أو الأكثرية ستضحك إذا ذكرتها بذلك اليوم  ولكن ماذا سيحدث لو أن الأرض دكت أوتارها وقال كل إنسان "مالها؟!" وتأكد الملأ بأن يوم القيامة لم يكن لإلاه محمد ولا عيسى ولا موسى أو حتى إبراهيم وآدم.



ستهتز الأرض اليوم فيقول أحدهم زلزال،  وستمطر السماء نارا فيقول البشر أنها نيازك تستهدف الشياطين التي تسترق السمع، وستفيض الأنهار والبحار فيقول الإنسان أن الجاذبية الأرضية في حالة اختلال مؤقت، وستدك الجبال فيقول المؤمن "لقد آمنت بإلاه نني كاذب أين الإلاه الحق؟". لن تقوم القيامة في لحظة أو اثنتين بل ستستمر "فعالياتها" ليوم على الأقل إن لم يكن يومين أو ثلاثة فالإله الذي كذِب به كل شخص في العالم سوف يأخذ وقته في التخويف والترهيب إلى أن يدرك الجميع أنهم راهنوا على إله خاطئ. تبقى المعضلة في أن دين أهل المايون لم يعد له أتباع أو مؤمنين. لن يبقى اليوم سوى الاتجاه في لحظة خاطفة إلى أقرب كمبيوتر لينهل الشخص منها من المعارف المتوفرة عن أهل المايون وإن لم يتوفر ذلك بسبب الزلازل التي أوقعت بوصلات نقل الانترنت فلن يجد الانسان تفصيلا كافيا عن ديانة أهل المايون يعطيه مفتاح الجنة إلا بأن يزور المكتبة التي لم تتخطى قدمه بابها لسنين.



ليس هناك من حاجة إلى معرفة التبويب والترقيم المكتبي ففي يوم القيامة هذا سيفكر الجميع بنفس الطريقة. ما على  الشخص منا والذي يريد أن يعتق نفسه من النار- كما يعتقد بناءً على ما جاء في كتب التوحيد - إلا أن يفتح عينه فيجد أفواجا من الناس تتجه إلى ذات الركن في المكتبة. أحمد ليس مختلفا عنهم. فهو يريد أن ينجو بنفسه من جحيم الآخرة وعقاب المنتقم الجبار. دفع كل من وقف أمامه حتى يصل إلى المقدمة فهذا يوم بألف يوم وليس هناك مجال للمجاملات حتى يخلص نفسه من عذاب الآخرة. كان الجمع يركز على صوت خافت آتٍ من الأمام "ومن ثم يؤتى بها إلى حافة وادي وقوده خطايا الإنسان فتعلق من أيديها وتكبل أرجلها ويصلي الراهب إلى الرب ويغرس سكينه المباركة في صدرها ليستمع إلى صرخات الوفاء والبراء، إنه إله الأوفياء، حتى تملاء السماء وفي لحظة يحل الصمت، إنها ساعة البركة". ولكن في هذه اللحظة العصيبة من صمت وخوف دوى سؤال "إيش يعني هذا الكلام؟" فقال القارئي "ياخي لازم نجيب وحدة عذراء ونروح بها لحافة وادي ونشعل النار وبعدين نقتلها ونقدم قلبها وهو لسه ينبض قربانا إلى الله لعله يعتقنا من النار".

في لحظة واحدة ركض الجمع إلى الخارج ليصطادوا فريستهم؛ بنت عذراء لم تتجاوز العشرين. وجدوها على بعد خطوات فاختطفوها متوجهين إلى الثمامة خلف طعس التحدي. صرخ أحمد "جيبوا حطب يا اهل الخير يجزاكم الجنة"، لم يكذب مئات منهم فالجمع أصبح بالآلاف حينها وهو ينتقل إلى الصحراء رافعين على أعناقهم تلك الفدية الصارخة المستنجدة. بدأت النار تشتعل، واللهب يدغدغ السماء. صمت الزلزال وامتنع السحاب عن كور النار. الجميع أدرك أن الساعة قد حانت فرددوا "يا مغيث الجهلاء أغثنا،، يا غفور أنجدنا". أتوا بالسكين فأعطوه إلى أحمد فباركه في صدر الفدوة. صرخت صرختها الأخيرة فاهتزت الأرض من تحت أقدامهم وانقلبت الرمال فدفنوا أحياء تحت أكوامها الكثيفة. في لحظة وأختهى اختفى الحشد.

رفع أحمد رأسه ونظر إلى من حوله من أموات من بين الأنقاض. انتابه خوف وألم وفر وهرب فوجد نفسه ينظر إلى الأسفل إلى الموتى ،، كل المتوى ،، لم يدرك ما يحدث. ركز فوجد نفسه قتيلا بين الأشلاء؛ هرب إلى أعلى ،،، وبقي يعلو ويعلو حتى تخطى السحاب. لا يعرف كيف يوقف نفسه ولكنه لم يرد أن يعود إلى منظر الجثث. استسلم إلى مصيره المتسارع ما بين السحاب. وبنفس السرعة التي وجد نفسه طائرا بين السحب كان الصمت والهدوء. لا حراك ولا صوت ولا منظر أحس بنفسه معلقا بين الأرض والسماء. السواد في كل مكان. حاول أن ينظر إلى أطرافه. حرك أصابعه أمام عينيه ولكنه لم يرى شيئا.

إذن أنت المؤمن الوحيد بي؟" قال الصوت. أجاب بسرعة وتوجف "أنا عبدك وإن ضللت عن الحقيقه سنين" قالها بشئ من الشك. “ماذا فعلت حتى أقبل إيمانك؟" قالها الصوت بنبرة كبرياء وتحدي. “لقد قتلت من أجلك!”. استعجب الصوت "ومن قال لك أن تقتل؟!”. لم يجد ما يجيب به غير "كتابك قال ذلك". كانت لحظة صمت قال بعدها الصوت "حسنا،، لو كان عفوي يشمل الغباء لوضعتك في الجنة" قالها بنبرة تحسر "ولكنك والجهلة أتباعك آثرتم أن تتقربون إليّ بأفعال حرمتها في كل كتبي وعلى ألسن كل أنبيائي". لم يجد أحمد غير "إن نيتي صافية ومخلصة لك". وقبل أن يكمل قال الصوت "إن كان قلة عقل الانسان عذرا لعفوت عنك وعنهم. ولكنكن أنت وغيرك ممن يقتلون قد حكموا على بعض مخلوقاتي بأنها ناقصة. فهل تعتقد بأن الكمال يسهوا علي حتى وإن لم تعتقد بأنهم كاملين؟"

لم تتوفر لأحمد حتى ولو كلمة فوجد نفسه يسقط من السواد والهدوء الذي كان فيه إلى حيث كانت الحفرة المستعرة في الأرض. ما كانت إلا ثواني حتى بدأ يتلوى ويحترق. صرخ صرخة بعد أخرى حتى أفاق من نومه ونظر إلى ساعته فوجد أن ذلك يوم نهاية العالم بالتقويم المايوي