Wednesday, February 2, 2011

أمريكا ويناير 25

هناك اختلاط واضح حول فهم الموقف الأمريكي مما يحدث في مصر؛ فالجدال بين المنظّرين يُفَاضِلْ بين اثنين: هل تتخلى أمريكا عن حليفها حسني مبارك من أجل التأكيد على الحق العالمي للشعب المصري بالتعبير عن رأيه بالتظاهر السلمي أم أنها ستلتزم بمصالحها وتتمسك بحلفائها على حساب مبادئها. هذين الخيارين على طرفي نقيض ولا يعكسان الخيارات الفعلية التي تنظر إليها الولايات المتحدة.

الإدارة الأمريكية تنظر إلى الوضع المصري على أنه وضع معقد يفوق الخيارات المبسطة بين "نعم" و "لا" أو هذا وذاك. خيارات الموقف الأمريكي تعتمد في أساسها على استراتيجية طويلة المدى ترغب في استقرار مصر وبالتالي المنطقة؛ وذلك ليس سرا فالاستقرار يصب في المصلحة الأمريكية وهو ذات الاستقرار الذي يتماشى مع المصلحة العربية. ولكن هذه الاستراتيجية لا يمكن أن يكتب لها النجاح إن لم تتفاعل الولايات المتحدة مع المتغيرات السياسية على أرض الواقع. ومع أن القرارات السياسية عادة ما تكون منفصلة عن العواطف باعتمادها على النتائج العملية إلا أن أمريكا تضع في الاعتبار "ماذا يقول عنها الناس" في محاولة للموازنة بين قراراتها السياسية - كأي حكومة أخرى - وبين دعم مبادئ حقوق الإنسان العالمية. من حسن حظ الإدارة الأمريكية أن نظرية المؤامرة لا تتهم أمريكا بإشعال شرارة يناير 25. 

أمريكا يهمها النتائج وليس مَنْ الذي يعمل على تحقيق تلك النتيجة. استقرار مصر هو الغاية، وربما كانت الوسيلة في يد حكومة حسني مبارك على مدى الثلاث العقود الماضية إلا أن مبارك الشخص ليس الغاية وبقاؤه من عدمه يعود إلى إرادة الشعب المصري. تلك هي الحقيقة لأن غير ذلك سيكون تدخلا لا ترغب الولايات المتحدة في تحمل تبعاته. ومع أن الولايات المتحدة لا يمكنها أن تتناسى العلاقة الطويلة التي تربطها بمبارك على مدى إدارات ديمقراطية وجمهورية متتالية إلا أنها لم تتجاهل المعاناة التي تكبدها الشعب المصري عبر العقود. فقد طالبت الإدارات الأمريكية المتعاقبة من حكومة مبارك مراعاة حقوق المصريين وأكدت على أهمية الشفافية في الانتخابات وغيرها من الانتهاكات التي تعلن عنها أمريكا في تقراريها السنوية ومن خلال المؤتمرات الصحفية. يبقى أن إرادة الشعب يجب أن تكون نابعة منه وإلا فسيعتبر الضغط الخارجي تدخلا.

كانت الولايات المتحدة وما زالت مؤمنة بأن الحليف القوي هو ذاك النظام الذي يمثله أُناسٌ إختارهم الشعب لأن مواقف تلك الحكومات  تعكس رغبة الشعب بشكل أساس وليس أهواء ومصالح رأس الهرم فيها. إذن؛ ماذا تريد أمريكا؟ تريد للحكومة المصرية سواء كانت برئاسة مبارك أم غيره أن تتجاوب مع الحقوق العالمية للشعب المصري وفي حال تغير القيادة يكون الهدف الأول الابقاء على أمن وسلامة المجتمع المصري وتوفير الأساسيات له على أن يكون مثل ذلك المخاض ذا مغزى أي أن ينتهي بإعطاء الشعب المصري حقوقة وما يصبوا إليه فالكلمة الأخيرة لما يحدث هي للشعب المصري وليس لغيره.  

بصفتي الشخصية
وليد جواد





نشرت في إيلاف: