Monday, January 3, 2011

الوطن! أي وطن؟!

مفهوم "الوحدة الوطنية" الذي نقرأه بشكل عابر هذه الأيام لم يكن من المقبول مناقشته جهارا قبل عقد من الزمان أو يزيد وكأن الفروقات بين مناطق المملكة العربية السعودية ليس لها وجود. بل أن أوبيريت محمد عبده "نحن الحجاز ونحن نجد" - الذي صدر في نهاية الثمانينات على ما أذكر - قد صدمني في حينه لأنه أكد بشكل علني على تعدد مكونات المجتمع السعودي معطيا رخصة للعامة بمناقشة الفروقات حتى وإن كان على مستوى العوائل أو المجالس الخاصة فقط. عقد مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني قبل أيام معدودة تبادلا فكريا تحت عنوان الخطاب الثقافي السعودي الثالث: القبلية، والمناطقية، والتصنيفات الفكرية وأثرها على الوحدة الوطنية.

الحديث عن أهمية الوحدة الوطنية مهم وصحي جدا للمجتمع السعودي لأن عدم الحفاظ على الوحدة يعني بالضرورة التفكك وهو وضع لا يمكن أن يحدث دون صراع ونزاع. ولكن مفهوم الوحدة الوطنية يحتاج إلى فهم وتعريف. بشكل عام يمكننا فهم هذا المفهوم المختزل من خلال كلماته: "الوحدة" هي خاصة بالابقاء على هيكل تنظيمي يجمع بين مناطق لها مقومات عرقية وثقافية مختلفة (أي الآلية التي تحدد تلك العلاقة)، أما كلمة "وطنية" فيهي التحديد السياسي الجغرافي الذي تعيش في داخله تلك المجاميع التي تتمتع كل منها بخواصها المختلفة. إن كان ذلك هو المفهوم المتعارف عليه فلا بأس رغم أنه مختزل ولكن لم أستشف ذلك من موقع الحوار الوطني. فأهداف المركز كما جاءت تقول بالحفاظ على المصلحة العامة من خلال الوحدة الوطنية المبنية على العقيدة الإسلامية.

بناء الوطن على العقيدة الإسلامية هو ما يجعلني أقف لحظة في محاولة لفهم أبعاد هذه الجملة. فصحيح أن حكم العائلة المالكة مبني على "شرع الله" وأن المملكة قامت على تحالف بين سيف آل سعود وقرآن آل الشيخ (محمد بن عبدالوهاب) إلا أن المفهوم السياسي الجغرافي لا تحدده عقيدة دينية في الأساس. فحتى حكم الخلافة الإسلامية عبر العصور لم يكن دينيا بل كان سياسيا ولا ننسى الاقتتال بين المسلمين من أجل الحكم؛ معاوية بن أبي سفيان على سبيل المثال. أنا لا أرغب في "إثارة الفتن" من خلال هذا المقال ولكني أريد أن أؤكد على أن الحوار حول موضوع بمثل هذه الأهمية يجب أن ينطلق من نقطة واحدة مشتركة؛ وإلا فكل مشارك "سيغني على ليلاه".

يجب أن يأخذ المنظمون للحوار الوطني لحظة لتقييم ما يفعلوه ليس لشيء غير لأن مساهمات المركز من الأهمية بمكان يُحتّم التقييم المستمر. على الحوار الوطني أن يحدد المفاهيم التي ينطلق منها. فكما أكد مرارا وتكرارا تحت صفحة "أهداف المركز" بأن كل ما يسعى إليه المركز هو من خلال الإسلام يجب أولا وقبل كل شيء أن يحدد ماهيّة "الوحدة الوطنية" التي يسعى إلى تشكيلها من خلال "العقيدة الإسلامية" التي هي كذلك بحاجة إلى نقاش وفهم.

وليد جواد
@walidaj
walidaj@hotmail.com