Thursday, October 21, 2010

دوام الحال

كانت مقدمة الكاتب د. علي محمد فخرو مثيرة للإهتمام في مقالته "متى ومن سيبدأ النهوض؟" بتاريخ 21 أكتوبر 2010 ،، ولكن بمتابعة القراءة بدأت أشك في أن المقال قد كتب في مرحلة سياسية سابقة وبلغة قد بارت من عقد أو اثنين من الزمن. وليست اللغة هي المشكلة فالكاتب على سبيل المثال يتحدث عن "العولمة" وهو مفهوم حظي باهتمام كبير في التسعينيات. انفضّ المحلفون دون الوصول إلى حكم حوله غير أن العولمة هي واقع لا يمكن مُعاندته – فقطار التقدم لا ينتظر أحدا بل يترك خلفه كل من تأخر أو تردد.

على أي حال؛ ذلك ليس أهم ما جذب اهتمامي بل الأحكام المبسّطة التي نعت بها "المؤسسة التشريعية الديمقراطية" كما جاء في مقال الدكتور. أصدر حكمه النهائي على هذا النظام بقوله "شاهد قمة سقوطها المدوي" ،، مع احترامي لشخص الدكتور إلا أن مثل هذا الرأي يفتقر إلى أقل قدر من الإنصاف التحليلي. فالولايات المتحدة مازالت تنتج وتخترع وتستثمر بإجمالي ناتج محلي يفوق 14,000,000,000,000 تريليون دولار (أي 14 ألف مليار دولار)، مقابل الاقتصاديات العربية مجتمعة والتي لا تصل حتى إلى ثلاثة تريليون دولار. المعيار هنا ليس اقتصادي فحسب لأن الإقتصاد الأمريكي لم ينحسر بل هو دائما في نمو (ولكنه نمو أكسل مما كان عليه في السابق) وإنما المعيار يشمل الاجتماعي والقانوني والتشريعي والتنفيذي منها.

وأذكر هنا مثلا في عجالة وهو لذلك القس الذي أعلن عن عزمه حرق القرآن قبل شهر أو أكثر والذي أقر الجميع بأن من حقه الدستوري المضمون له ولكل أمريكي أن يعبر عن رأيه ،، ولكن القس تراجع عن إحراق المصحف بعد أن أصغى لأصوات الحكمة الناصحة له بعدم التعبير عن رأية بشكل سلبي مؤكدة أنه سيحظى باحترام أكبر لو أنه سلك مسلك أهل الإمعان والتفكير. أكتفي بذلك ولكني أءكد أن هذا النظام الديمقراطي ليس نظاما كاملا مكتملا ولكنه نظام دينامكي متفاعل وفي بعض الأحيان تطرأ عليه بعض الوعكات والتنغيصات وحينها يعمل على إصلاح نفسه من خلال منظومة كبيرة من النشطاء الحقوقيين والسياسيين والإجتماعيين – صغار وكبار معظمهم من عامة الشعب. هذه الموازنة بين الحرية والمسؤولية تجعلني أحزن على مقال مثل هذا الذي قرأته لأنه أقرب إلى شكوى استجدائية منه إلى تحليل منطقي.

ربما أتجرأ هنا بالتعبير نيابة عن كثيرين غيري في أمريكا بقول أني أرحب بالكفاح البنّاء في أوقات الصعاب على أن أتمرغ في وحول أنظمة أخرى تكون فيها الصعاب دوما هي الحال.

بصفتي الشخصية
وليد جواد